الصياد و الحجارة
في أحد الأيام و قبل شروق الشمس وصل صياد إلى النهر ، و بينما كان على الضفة تعثر بشئ ما وجده على ضفة النهر كان عبارة عن كيس مملوء بالحجارة الصغيرة ، فحمل الكيس و وضع شبكته جانبا ، و جلس ينتظر شروق الشمس
كان ينتظر الفجر ليبدأ عمله حمل الكيس بكسل و أخذ منه حجراً و رماه في النهر ، و هكذا أخذ يرمى الأحجار حجراً بعد الآخر أحبّ صوت اصطدام الحجارة بالماء ، و لهذا استمر بإلقاء الحجارة في الماء حجر اثنان ثلاثة ..... و هكذا
سطعت الشمس و أنارت المكان كان الصياد قد رمى كلّ الحجارة ما عدا حجراً واحداً بقي في كف يده ، و حين أمعن النظر فيما يحمله لم يصدق ما رأت عيناه لقد .... لقد كان يحمل ماساً !!
نعم .. يا إلهي .. لقد رمى كيساً كاملاً من الماس في النهر ، و لم يبق سوى قطعة واحدة في يده ؛ فأخذ يبكي و يندب حظّه التّعس لقد تعثّرت قدماه بثروة كبيرة كانت ستقلب حياته رأساً على عقب و لكنّه وسط الظّلام ، رماها كلها دون أدنى انتباه
لكن ألا ترون معي أنّ هذا الصّياد محظوظ ؟! إنّه ما يزال يملك ماسة واحدة في يده .. كان النّور قد سطع قبل أن يرميها هي أيضاً .. و هذا لا يكون إلّا للمحظوظين و هم الّذين لابدّ للشّمس أن تشرق في حياتهم و لو بعد حين .. و غيرهم من التعسين قد لا يأتي الصباح و النور إلى حياتهم أبداً .. يرمون كلّ ماسات الحياة ظناً منهم أنها مجرد حجارة !!!!!
الحياة كنز عظيم و دفين .. لكننا لا نفعل شيئا سوى إضاعتها أو خسارتها ، حتى قبل أن نعرف ما هي الحياة .. سخرنا منها و استخف الكثيرون منا بها ، و هكذا تضيع حياتنا سدى إذا لم نعرف و نختبر ما هو مختبئ فيها من أسرار و جمال و غنًى !!!!!
ليس مهما مقدار الكنز الضائع .. فلو بقيت لحظة واحدة فقط من الحياة ؛ فإنّ شيئا ما يمكن أن يحدث .. شيء ما سيبقى خالداَ .. شيء ما يمكن انجازه .. ففي البحث عن الحياة لا يكون الوقت متأخراً أبداً .. و بذلك لا يكون هناك شعور لأحد باليأس ؛ لكن بسبب جهلنا ، و بسبب الظلام الذي نعيش فيه افترضنا أن الحياة ليست سوى مجموعة من الحجارة ، و الذين توقفوا عند فرضية كهذه قبلوا بالهزيمة قبل أن يبذلوا أي جهد في التفكير و البحث و التأمل